المهرولون




لندن 15 نوفمبر 1995

أخي الغالي شربل..

بريدك هذا الأسبوع يشبه شهر نيسان، أريجاً، وخصوبة، ورائحة طيّبة.

أفرحتني أوّلاً مجلّتك ليلى، لأن إصدار مجلّة عربيّة في أوستراليا عمل رائد وتأسيسي، ويبقي الجسور ممدودة بين المغتربين العرب، وبين لغتهم الأم، وتاريخهم، وتراثهم.

كما أسعدني أن ترسل لي نسخة من امتحانات اللغة العربيّة في أوستراليا. ما أسعد الشاعر حين يرى شعره يمرّ من قارة إلى قارة.. ويحمله التلاميذ في محافظهم المدرسيّة.

شكراً على إعادة نشر قصيدتي (المهرولون) في مجلّتك، والواقع أن هذه القصيدة اشتعلت كبيدر من القشّ في كل مكان.. وتحوّلت إلى منشورات سريّة تنتقل من يد إلى يد.. كما تهرّب حشيشة الكيف!!

وهذا دليل على أن الناس يبحثون في الشعر عن خلاصهم، ويعتبرونه مسيحهم المنتظر..

وحين تستطيع قصيدة أن تخضّ عظام الأمّة العربيّة ـ كما تقول في رسالتك ـ فهذا دليل على أن ضمير هذه الأمّة لا يزال سليماً ومعافى.. وجسدها لـم يتحوّل إلى كوم رماد..

المهم أن يبقى شعراؤنا واقفين على الخطوط الأمامية.. حتى لا يسقط الوطن تحت حوافر المغول.

أرجو لك ولزوجتك العزيزة مشواراً ظافراً على طريق الصحافة، مع أطيب تمنيّاتي لكما بالسعادة والنصر الكبير".

نزار قباني
**